.. من الممتع دوما أن نشعر بالحمق بين الحين والآخر
كنت قد كتبت مضمون العبارة السابقة كجزء من رد لي في إحدى مدونات الأصدقاء .. وكالعادة توارت العبارة مع أخواتها في ذلك الركن المجهول الذي يسمونه العقل الباطن .. ولكنها ما لبثت أن قامت من ركنها هذا ، وتفضلت بزيارة عقلي الواعي منذ قليل
تأملت قليلا في تلك العبارة .. ثم سرعان ما تبين لي مدى عبقريتي عندما جلت بأنحائها ، واكتشفت عَبرها معانٍ أخرى للشعور بالحمق مصاحبة له .. وهي ليست سيئة تماما بالمناسبة .. مما جعلني أوقر – بشكل ما – ذلك الشعور ، وأضعه في تصنيف آخر في قائمة المشاعر بدلا من تواجده المكثف تحت خانة اللعنة الشهيرة
أحرك "فيتيس" عقلي إلى وضع التراجع .. وأعود بالذاكرة بضع سنوات للوراء .. أيام إلزامي بارتداء البنطلون الرمادي والقميص الأبيض المحتوَى من قبل البول أوفر الكحلي – هي الإعدادية إذن - .. كان يوما مثل أمثاله لا شيء يميزه .. ليلا كان الوقت .. لا أذكر أكان منتصفه أو ما بعد ذلك ..المهم أنني كنت أواجه مرآة الحمام بعد فراغي من الوضوء - وأشياء أخرى - متأملا ذلك الوجه الذي يتأملني باهتمام معكوس .. يبدو أنني كنت أمشط شعري لأرى كم أنا وسيم ، أو أنني اكتفيت بمحاولة التظاهر أنني فتى الشاشة الأول وأنني أقف أمام المرآة – فقط – مؤديا بروفة لأحد أدواري التي – حتما - ستكون رائعة .. لا أذكر تحديدا ما كنت أفعل ولا يهم الآن أن أتذكره لأذكره لك .. المهم هنا أنني توقفت للحظات أتبادل "التبريق" مع معكوسي المصعوق .... ثم شيئا فشيئا أخذت أقترب منه حذرا .. وأدرت وجهي نحو اليمين ناظرا بطرف عيني إلى السطح البراق الذي صار على بعد سنتيمترات قليلة من خدي الأيسر .. ثم أعدت تكرار ما أفعله مع الجهة الأخرى ...... لا أكاد أصدق .. أهذا معقول حقا !! .. يا لها من معجزة .... أعيد التأمل مرة أخرى كي أتأكد .. إنه حقيقي بالفعل .. ربما كان بعضه أصفرا ، ولكن هذا لا ينفي وجوده كذلك .. دعك من أن أي مدقق يستطيع رؤيته بشيء من الصعوبة حين يقترب ويدقق النظر
أظن الأمور صارت واضحة الآن – حسبما آمل - .. ولكن لمن لم يفهم شيئا من الوصف السابق .. دعني أقل له أن هذا اللحظات كانت لحظات اكتشافي الأول الرهيب ، لأولى الشعيرات النابتة على ذقني
مبهم هو ذلك الشعور .. أتعلم الشعور الذي ينتابك حين يتحقق شيئا ظللت تحلم به لسنوات طوال ، وتمني نفسك به في الليالي المقمرة ؟ .. حسنا ..دعني أقل لك بكل صدق ليس هذا هو الشعور بكل تأكيد ! .. ربما فقط لو كان مضاعفا متزايدا له أستطيع أن أقول أنك اقتربت .. فقط اقتربت
لازلت أذكر أيامها .. حينما كنت أهرول لأمي شبه يوميا كي أريها بفخر الإنجاز اللاإرادي الذي حققته .. وبطبيعة الحال لم تكن ترى شيئا مما أتحدث عن وجوده ، مما يضطرها لارتداء نظارتها الخاصة ، ثم تتبع ذلك بالتقاط العدسة المكبرة وتقربها مقتربةً من وجهي هي الأخرى .. فقط لتعلن لي أنها لا ترى شيئا .. ثم .. انتظر قليلا .. كلا .. هناك بعض الشعيرات فعلا .. تصوَّر
شعور يثقل صدري بالسعادة الفخور أحمله وأغادر المنزل منتشيا .. لقد نبتت ذقني !! .. يا له من خبر
أعيد "فتيس" عقلي اياه إلى الوضع الأول في حركة مفاجئة مرتطما بواقع أنني لم أحلق ذقني منذ فترة ، وقد نبتت تلك اللعينة محيلة المساحة التي تحتلها من وجهي إلى ما يشبه نباتات الأحراش الاستوائية .. لم أعد مهتما بحلاقتها وهي تصر ببرود تام على النمو بسرعة مستفزة .. وبما أنني عنيد فقد قابلت برودها ببرود أبرد منه ، واكتفيت بتركها تنمو كما تشاء أسبوعين أو أكثر قليلا ، ثم أذهب لأجزها جزّا عند الحلاق
أتذكر الآن – بالذات – ترقبي البالغ لازدهار بذور ذقني الوليدة حينذاك .. أذكر تماما الحنق الممتزج بالغيرة والمنافسة حين كنت أرى من هو في مثل سني او أكبر قليلا وقد أطال سالفيه أو "ضربها سكسوكة" أو أي شيء من تلك الأشياء التي تُـفعَل بشعر الوجه وامتداد شعر الرأس .. حينها كنت أذهب للمنزل كي أقف متأملا معكوسي الحبيب محاولا بشتى الطرق اختلاق أي نوع من أنواع السوالف الطويلة .. أتأمل وجهي في المرآة بعد بضع تحركات حذرة من الموسى .. حسنا لا بأس .. هناك ناحية أثقل من الأخرى ، ولكن لا يهم
ثم حين أذهب للحلاق لابد من التوصية الخالدة " طوّل السوالف " .. ثم أنصرف من عنده شاعرا بالفخر بأنني صار لي سوالف طويلة .. ربما كانت خفيفة تماما ، وربما كان كل ما تحويه هو باقة من الشعيرات الصفراء تناثرت بينها شعرتين أو ثلاثا من السود .. ولكن لا يهم
ثم تمر السنون شيئا فشيئا – عبارة تقليدية أجدني مجبرا على استخدامها للأسى ! - وأتذكر .. أول سكسوكة .. أول تقليعة في السوالف .. أول تقليعة تجميعية تضم السوالف والسكسوكة معا .... شعور من يصعد سلالم وقد بلغ به الإرهاق مبلغه ولكنه لا يبالى ويستمر في الصعود حيث تقع غايته يغمرني
ثم الآن ........ في رحلتي نصف الشهرية لجازّ الحشائش المدعو زورا بالحلاق – وفي بعض الثقافات المزيّن – ربما تقع عيناي على من كنت في مثل عمره بالأمس القريب .. أراه وقد قام بتحديد تلك الشعيرات الصفراء أمام أذنه فيم يشبه السالف .. ألمح في عينيه نظرة طالعتها كثيرا على ذلك السطح البراق لمرآة الحمام اياها
هل تفهم ما أريد قوله ..؟ .. هل تشعر بما شعرت به يوما وأردت نقله لك ..؟ .. هل استشعرت معي ذلك الشعور بالكفاح الممتزج بالفخر
لو لم أطالع حولي تلك الأوجه طويلة السوالف ، أنيقة "السكاسيك" – جمع سكسوكة – لما شعرت للحظة – أو هكذا أظن – بلذة الكفاح أو متعة المثابرة .. تلك الوجوه التي أثارت في نفسي خواطر من نوع : أريد أن أكون مثل هؤلاء .. بل سأكون مثلهم .. بل سأتغلب عليهم .... ثم ترى أحدهم وقد فعل شيئا ما تعجز أنت عنه بإمكانياتك المحدودة .. تشعر بالتضاؤل ، وأنك لن تستطيع أن تفعل ما يفعله .. تشعر بالحمق من فرحتك وشعورك بالفخر .. أي فخر يا أحمق ذلك الذي تشعر به ؟ .... ثم تستمر في تلك الدوّارة فترة لا بأس بها إلى أن .................
حسنا .. لابد أنك تتساءل الآن ..وبعد كل هذا ، إذا كان الحال كذلك تلك الفترة .. فما الذي أصابك الآن ..؟
انعدام الدافع هو .. أو هو غياب المنافسة .. ربما كان كلاهما السبب مجتمعين .. ولكن .. لم أعد أرى ما يستحق أن أتعب نفسي من أجله .... هذه سوالف طويلة ؟ .. فليكن .. أستطيع تربية مثلها وربما أطول .. يالها من دوجلاس – لفظ بديل للسكسوكة منعا للملل – مدهشة .. فليكن كذلك .. أمهلني أسبوعا واحدا لترَ ما هو أكثر أناقة منها
ترى .. لم يعد هناك ذلك الشعور بالمنافسة أو الإنجاز .. بالتالي فترت الحماسة ولم أعد أبالي
نفس الشيء ينطبق – إلى حد كبير – على الكتابة أيضا
أكتب لفترة ما – قصيرة كما هو عمري – ثم أتوقف .. ذلك الدينامو الذي هو موجود في مكان ما بين ثنيات العقل قد توقف عن توليد الحماسة لفكرة ما .. تجد الكثيرين في نظرك – القليلين في الواقع – يهنئونك على براعتك ، ويمدحون نفسهم على تلك الفرصة التي سنحت لهم لقراءة كتاباتك العبقرية ، فتشعر بالفخر لبراعتك في منحك الفرصة لهم لقراءة كتاباتك العبقرية .. ويبدأ شعور في التكون داخل رحم كيانك أنك ربما كنت عبقريا بالفعل .. وإلا فعم يتحدث كل هؤلاء إذن ..؟
ثم .... في ساعة من أصل أربع وعشرون ساعة تمثل وقت فراغك ، تتجول في بعض المدونات وتقرأ ما كتب آخرون بارعون حقا.. تلك الكتابات التي تشعرك أنك أحمق .. غر ساذج لازال لديك الكثير لتتعلمه ، وأنك لست بهذه العبقرية التي ظننتها بنفسك .. اللعنة ! .. أي فخر يا أحمق ذلك الذي تشعر به ؟
ولكن .. عند لحظة شعورك بالحمق الشديد ، وأن الفرق بينك وبين الحمار هو في القدرة على النهيق .. تجد ذلك الدينامو قد بدأ يهدر معلنا ضمنيا أنه لازال يعمل ولم يأت أجله بعد .. ويبدأ ذلك الشعور الذي شعرت به عند رؤيتك تلك الأوجه طويلة السوالف أنيقة "السكاسيك" في التولد مرة أخرى بشكل جديد ودافع مختلف .. فتمسك بالقلم – التخيل التقليدي لكلمة كتابة بمشتقاتها – والورقة ، ثم تنظر نظرة حالمة متحمسة حانقة في نفس الوقت .. وتبدأ في استنفاد حبر قلمك الجاف، أو كربون قلمك الرصاص.... أو ربما كنت من هواة "التكتكة" على "الكي بورد" – مثلي – فتتأهب بوضع يديك عليها ، وتثبت عينيك على الشاشة بنفس النظرة الحالمة المتحمسة الحانقة اياها .. ثم تبدأ في كتابة أولى سطورك في تأمل
كنت قد كتبت مضمون العبارة السابقة كجزء من رد لي في إحدى مدونات الأصدقاء .. وكالعادة توارت العبارة مع أخواتها في ذلك الركن المجهول الذي يسمونه العقل الباطن .. ولكنها ما لبثت أن قامت من ركنها هذا ، وتفضلت بزيارة عقلي الواعي منذ قليل
تأملت قليلا في تلك العبارة .. ثم سرعان ما تبين لي مدى عبقريتي عندما جلت بأنحائها ، واكتشفت عَبرها معانٍ أخرى للشعور بالحمق مصاحبة له .. وهي ليست سيئة تماما بالمناسبة .. مما جعلني أوقر – بشكل ما – ذلك الشعور ، وأضعه في تصنيف آخر في قائمة المشاعر بدلا من تواجده المكثف تحت خانة اللعنة الشهيرة
أحرك "فيتيس" عقلي إلى وضع التراجع .. وأعود بالذاكرة بضع سنوات للوراء .. أيام إلزامي بارتداء البنطلون الرمادي والقميص الأبيض المحتوَى من قبل البول أوفر الكحلي – هي الإعدادية إذن - .. كان يوما مثل أمثاله لا شيء يميزه .. ليلا كان الوقت .. لا أذكر أكان منتصفه أو ما بعد ذلك ..المهم أنني كنت أواجه مرآة الحمام بعد فراغي من الوضوء - وأشياء أخرى - متأملا ذلك الوجه الذي يتأملني باهتمام معكوس .. يبدو أنني كنت أمشط شعري لأرى كم أنا وسيم ، أو أنني اكتفيت بمحاولة التظاهر أنني فتى الشاشة الأول وأنني أقف أمام المرآة – فقط – مؤديا بروفة لأحد أدواري التي – حتما - ستكون رائعة .. لا أذكر تحديدا ما كنت أفعل ولا يهم الآن أن أتذكره لأذكره لك .. المهم هنا أنني توقفت للحظات أتبادل "التبريق" مع معكوسي المصعوق .... ثم شيئا فشيئا أخذت أقترب منه حذرا .. وأدرت وجهي نحو اليمين ناظرا بطرف عيني إلى السطح البراق الذي صار على بعد سنتيمترات قليلة من خدي الأيسر .. ثم أعدت تكرار ما أفعله مع الجهة الأخرى ...... لا أكاد أصدق .. أهذا معقول حقا !! .. يا لها من معجزة .... أعيد التأمل مرة أخرى كي أتأكد .. إنه حقيقي بالفعل .. ربما كان بعضه أصفرا ، ولكن هذا لا ينفي وجوده كذلك .. دعك من أن أي مدقق يستطيع رؤيته بشيء من الصعوبة حين يقترب ويدقق النظر
أظن الأمور صارت واضحة الآن – حسبما آمل - .. ولكن لمن لم يفهم شيئا من الوصف السابق .. دعني أقل له أن هذا اللحظات كانت لحظات اكتشافي الأول الرهيب ، لأولى الشعيرات النابتة على ذقني
مبهم هو ذلك الشعور .. أتعلم الشعور الذي ينتابك حين يتحقق شيئا ظللت تحلم به لسنوات طوال ، وتمني نفسك به في الليالي المقمرة ؟ .. حسنا ..دعني أقل لك بكل صدق ليس هذا هو الشعور بكل تأكيد ! .. ربما فقط لو كان مضاعفا متزايدا له أستطيع أن أقول أنك اقتربت .. فقط اقتربت
لازلت أذكر أيامها .. حينما كنت أهرول لأمي شبه يوميا كي أريها بفخر الإنجاز اللاإرادي الذي حققته .. وبطبيعة الحال لم تكن ترى شيئا مما أتحدث عن وجوده ، مما يضطرها لارتداء نظارتها الخاصة ، ثم تتبع ذلك بالتقاط العدسة المكبرة وتقربها مقتربةً من وجهي هي الأخرى .. فقط لتعلن لي أنها لا ترى شيئا .. ثم .. انتظر قليلا .. كلا .. هناك بعض الشعيرات فعلا .. تصوَّر
شعور يثقل صدري بالسعادة الفخور أحمله وأغادر المنزل منتشيا .. لقد نبتت ذقني !! .. يا له من خبر
أعيد "فتيس" عقلي اياه إلى الوضع الأول في حركة مفاجئة مرتطما بواقع أنني لم أحلق ذقني منذ فترة ، وقد نبتت تلك اللعينة محيلة المساحة التي تحتلها من وجهي إلى ما يشبه نباتات الأحراش الاستوائية .. لم أعد مهتما بحلاقتها وهي تصر ببرود تام على النمو بسرعة مستفزة .. وبما أنني عنيد فقد قابلت برودها ببرود أبرد منه ، واكتفيت بتركها تنمو كما تشاء أسبوعين أو أكثر قليلا ، ثم أذهب لأجزها جزّا عند الحلاق
أتذكر الآن – بالذات – ترقبي البالغ لازدهار بذور ذقني الوليدة حينذاك .. أذكر تماما الحنق الممتزج بالغيرة والمنافسة حين كنت أرى من هو في مثل سني او أكبر قليلا وقد أطال سالفيه أو "ضربها سكسوكة" أو أي شيء من تلك الأشياء التي تُـفعَل بشعر الوجه وامتداد شعر الرأس .. حينها كنت أذهب للمنزل كي أقف متأملا معكوسي الحبيب محاولا بشتى الطرق اختلاق أي نوع من أنواع السوالف الطويلة .. أتأمل وجهي في المرآة بعد بضع تحركات حذرة من الموسى .. حسنا لا بأس .. هناك ناحية أثقل من الأخرى ، ولكن لا يهم
ثم حين أذهب للحلاق لابد من التوصية الخالدة " طوّل السوالف " .. ثم أنصرف من عنده شاعرا بالفخر بأنني صار لي سوالف طويلة .. ربما كانت خفيفة تماما ، وربما كان كل ما تحويه هو باقة من الشعيرات الصفراء تناثرت بينها شعرتين أو ثلاثا من السود .. ولكن لا يهم
ثم تمر السنون شيئا فشيئا – عبارة تقليدية أجدني مجبرا على استخدامها للأسى ! - وأتذكر .. أول سكسوكة .. أول تقليعة في السوالف .. أول تقليعة تجميعية تضم السوالف والسكسوكة معا .... شعور من يصعد سلالم وقد بلغ به الإرهاق مبلغه ولكنه لا يبالى ويستمر في الصعود حيث تقع غايته يغمرني
ثم الآن ........ في رحلتي نصف الشهرية لجازّ الحشائش المدعو زورا بالحلاق – وفي بعض الثقافات المزيّن – ربما تقع عيناي على من كنت في مثل عمره بالأمس القريب .. أراه وقد قام بتحديد تلك الشعيرات الصفراء أمام أذنه فيم يشبه السالف .. ألمح في عينيه نظرة طالعتها كثيرا على ذلك السطح البراق لمرآة الحمام اياها
هل تفهم ما أريد قوله ..؟ .. هل تشعر بما شعرت به يوما وأردت نقله لك ..؟ .. هل استشعرت معي ذلك الشعور بالكفاح الممتزج بالفخر
لو لم أطالع حولي تلك الأوجه طويلة السوالف ، أنيقة "السكاسيك" – جمع سكسوكة – لما شعرت للحظة – أو هكذا أظن – بلذة الكفاح أو متعة المثابرة .. تلك الوجوه التي أثارت في نفسي خواطر من نوع : أريد أن أكون مثل هؤلاء .. بل سأكون مثلهم .. بل سأتغلب عليهم .... ثم ترى أحدهم وقد فعل شيئا ما تعجز أنت عنه بإمكانياتك المحدودة .. تشعر بالتضاؤل ، وأنك لن تستطيع أن تفعل ما يفعله .. تشعر بالحمق من فرحتك وشعورك بالفخر .. أي فخر يا أحمق ذلك الذي تشعر به ؟ .... ثم تستمر في تلك الدوّارة فترة لا بأس بها إلى أن .................
حسنا .. لابد أنك تتساءل الآن ..وبعد كل هذا ، إذا كان الحال كذلك تلك الفترة .. فما الذي أصابك الآن ..؟
انعدام الدافع هو .. أو هو غياب المنافسة .. ربما كان كلاهما السبب مجتمعين .. ولكن .. لم أعد أرى ما يستحق أن أتعب نفسي من أجله .... هذه سوالف طويلة ؟ .. فليكن .. أستطيع تربية مثلها وربما أطول .. يالها من دوجلاس – لفظ بديل للسكسوكة منعا للملل – مدهشة .. فليكن كذلك .. أمهلني أسبوعا واحدا لترَ ما هو أكثر أناقة منها
ترى .. لم يعد هناك ذلك الشعور بالمنافسة أو الإنجاز .. بالتالي فترت الحماسة ولم أعد أبالي
نفس الشيء ينطبق – إلى حد كبير – على الكتابة أيضا
أكتب لفترة ما – قصيرة كما هو عمري – ثم أتوقف .. ذلك الدينامو الذي هو موجود في مكان ما بين ثنيات العقل قد توقف عن توليد الحماسة لفكرة ما .. تجد الكثيرين في نظرك – القليلين في الواقع – يهنئونك على براعتك ، ويمدحون نفسهم على تلك الفرصة التي سنحت لهم لقراءة كتاباتك العبقرية ، فتشعر بالفخر لبراعتك في منحك الفرصة لهم لقراءة كتاباتك العبقرية .. ويبدأ شعور في التكون داخل رحم كيانك أنك ربما كنت عبقريا بالفعل .. وإلا فعم يتحدث كل هؤلاء إذن ..؟
ثم .... في ساعة من أصل أربع وعشرون ساعة تمثل وقت فراغك ، تتجول في بعض المدونات وتقرأ ما كتب آخرون بارعون حقا.. تلك الكتابات التي تشعرك أنك أحمق .. غر ساذج لازال لديك الكثير لتتعلمه ، وأنك لست بهذه العبقرية التي ظننتها بنفسك .. اللعنة ! .. أي فخر يا أحمق ذلك الذي تشعر به ؟
ولكن .. عند لحظة شعورك بالحمق الشديد ، وأن الفرق بينك وبين الحمار هو في القدرة على النهيق .. تجد ذلك الدينامو قد بدأ يهدر معلنا ضمنيا أنه لازال يعمل ولم يأت أجله بعد .. ويبدأ ذلك الشعور الذي شعرت به عند رؤيتك تلك الأوجه طويلة السوالف أنيقة "السكاسيك" في التولد مرة أخرى بشكل جديد ودافع مختلف .. فتمسك بالقلم – التخيل التقليدي لكلمة كتابة بمشتقاتها – والورقة ، ثم تنظر نظرة حالمة متحمسة حانقة في نفس الوقت .. وتبدأ في استنفاد حبر قلمك الجاف، أو كربون قلمك الرصاص.... أو ربما كنت من هواة "التكتكة" على "الكي بورد" – مثلي – فتتأهب بوضع يديك عليها ، وتثبت عينيك على الشاشة بنفس النظرة الحالمة المتحمسة الحانقة اياها .. ثم تبدأ في كتابة أولى سطورك في تأمل
.............. من الممتع دوما أن نشعر بالحمق بين الحين والآخر